الاثنين، يونيو 18، 2012

الفرار من السعادة

جلسا يتبادلان الحديث الجاد الذي قطعه معربا عن إعجابه بثوبها الأسود الذي كاد ينزلق عن جسدها ، أحمرت وجنتيها خجلا ، تعثر الكلام على لسانها فآثرت الصمت.
نظرت اليه بعينين ولهتين، وفي شفتيها المكتنزتين نداء محموم ايقظ الحيوان الذي يزأر بداخله،قبلها بوحشية، أحست بنار تندلع من أطرافها، آبت أن تقاومه وتمادت في قضم شفتيه، لم يستطع الصمود أمام صدرها اليقظ ، جذبها بقوة وأحتوى جسدها الثائر بكلتا يديه.




في غرفة نومه أستسلمت اليه ليطفأ جوعها النفسي،ويشبع ظمأها الجسدي،وعندما اقتربت من الذروة أفزعها صوت أجش اخترق أذنيها وهو ينبهها (يامدام هو ده العنوان؟
)ألتفتت نحو صوت سائق التاكسي وهو يردد نفس الجملة، نظرت الى رقم العمارة وطلبت من السائق ان يقف،مدت يدها له بالأجرة تركت التاكسي،
تقدمت بخطوات مرتبكة نحو مدخل العمارة، وقفت لبرهة سيطر عليها التردد وبداخلها هاتف يطالبها بالتراجع وألا تتمادى إلا أنها تجاهلته، والقت بنفسها داخل المصعد في تحدي،وخلف باب الشقة وجدته في إنتظارها.


أراد أن يقبلها ، تراجعت كثيرا إلى الخلف،وهزت رأسها بالنفي، جلسا سويا في غرفة الصالون،بعيون مبهورة أخذت تتفحص أثاث المنزل واللوحات التشكيلية المتناثرة على الحوائط، السجاد الشينواه الذي يزين الأرض،التحف والأنتيكات العتيقة المرصوصة بعناية في أركان الصالة.


بادرت بالكلام: من الواضح أنك من عشاق التحف والأنتيكات ،فرد بإنه من مدمني إرتياد المزادات ،وتلك هواية قديمة نمت لديه بمرور السنوات، فكل شيء ثمين له قيمة يستهويه،ثم باغتها بالسؤال: هل تعرفين مالذي يثيرني في المرأة؟


هزت رأسها بالنفي ،فأشار الى رأسها قائلا: عقلها،وذلك لأنني عشت مع زوجة خاوية الرأس ، تافهة التفكير،لذلك تعجبني المرأة المثقفة التي تبهرني بذكائها ،فظهرت على شفتيها إبتسامة مجاملة.



اثناء تناولهما الشاي،بدأ يحدثها عن الإرهاب الدولي وأصوله الفكرية، وأن الأمريكيين والصهاينة يتحملون مسؤولية مايعاني منه العالم من إرهاب دولي،وتمنى أن تعود الإمبراطورية العثمانية للعالم من جديد،تلك الدولة التي حكمت جزأ كبيرا من آسيا الصغرى والجزيرة العربية وبلاد العراق والشام ومصر والمغرب العربي، والصومال، والنمسا وأيطاليا وجورجيا وكردستان ورومانيا وبلغاريا والسودان


شعرت بإنجذاب الي حديثة،ونظرت اليه بدهشة آثارت فضوله،فهي تعرفه من خلال الأصدقاء وتعرف عنه أنه رجل أعمال يقضي حياته بين عمله وتحقيق مزيد من الثروة والمال،وبين العلاقات النسائية المتعددة والتي يختار فيها الفتيات صغيرات السن.


لفت أنتباهها مكتبته ، فأتجهت اليها واذهلها الكم الكبير من الكتب الهامة التي تحتويها،وقبل أن تمد يدها على رواية(دوبرفسكي)، أخبرها انها لبوشكين امير شعراء روسيا في القرن التاسع عشر، واشار الى كتب ديستوفسكي قائلا أنه من أعظم الأدباء الروس الذين غاصوا في أعماق النفس البشرية وكشف جوانبها المظلمة.



بدأت هي الآخرى تناقشه في روائع الأدب الأنجليزي عن شكسبير ومسرحياته التراجيدية مثل هاملت ، عطيل ، الملك لير، ماكبث، ومسرحياته الكوميديه كتاجر البندقية ، ترويض الشرسة وغيرها.



وأنتقلت به الى بولو كويليو البرازيلي في رواية الخيميائي المستمدة من التراث العربي والتي تستلهم الفلسفة العربية والإسلامية في البحث عن السعادة والمغامرة والتفاعل مع الحياة والكون ..




فجأة قطع نقاشها الجاد :هل تحبين زوجك؟



توترت قسمات وجهها وأجابت بيننا عشرة طويلة



تابع حديثه : لايوجد زوج وزوجة يعيشان معا بسعادة، بل الجميع يشعر بالتعاسة
بدأت تقص له عن معاناتها طوال العمر مع زوج بخيل في ماله ومشاعره، جاهل لامبالي لايعرف مايدور حوله في الحياة، سلبي لايتحمل أدنى المسؤليات، وكيف انها عاشت عمرها أنثى بدون رجل ، وأنهمرت في البكاء.




أخبرها عن زوجته التي تحمل جهلها وتفاهتها وبرودها العاطفي لسنوات طويلة من أجل أولاده،إلا أن أهمالها في رعاية أطفاله كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
.


ثم ضحك بصوت مرتفع قائلا: هل تعرفين أنني الآن وبعد طلاقها رجل ملتزم ينهض مبكرا ليتابع عمله، وينام في الحادية عشر مساء، وأتابع دروس أولادي أثناء وجود المدرسين الخصوصيين ، ونذهب سويا للتنزه في كل الأماكن التي يطلبون رؤيتها ،ولم تعد في حياتي أية علاقات نسائية، لقد كنت أهرب منها طوال اليوم ولا أعود الى المنزل الا في الفجر حتى لا أتذكر واقعي.




قطع حديثه قائلا: هل تعرفين أنك عندما تبكين تصبحين كطفلة صغيرة؟


أنت حقا أمراة جميلة وذكية وانا معجب بك ، لماذا لانقتنص بعض لحظات السعادة سويا ؟



سألته : اية سعاده مؤقته تقصدها ؟ لم ولن أمنح جسدي لرجل ، فالعلاقات العابرة تهين المرأة وجسدها، اليوم أقابلك واسعى معك الى سعادة مؤقته، والأسبوع القادم أقابل رجل آخر وأمارس معه سعادة مؤقته، وبعده وبعده وينال الجميع من جسدي بأسم السعادة المؤقته،إية سعادة مؤقته التي ستشعرني بالذنب وتأنيب الضمير وتجعلني أشعر بالذنب؟


رد عليها بصوت هاديء : لاتضيعي تلك الفرصة من يدنا،لا يوجد رجل أو إمرأة خانت إلا وكان وراءهما زوجه وزوج وضع شريكه على فوهة المدفع وأطلقه نحو الخيانه، الله سبحانه وتعالى خلق البشر واعلم بضعفهم، ولا يمكن أن يعذبهم بسبب محاولتهم للهروب من تعاستهم نحو السعادة.




أمسكت بحقيبة يدها وهمت للخروج من بيته، فودعته قائلة، لا أنكر أعجابي الشديد بك، فلم اكن أتوقعك بتلك الشخصية المثقفة الواعية، إلا أنني أعتذر عن قبول فلسفتك في السعادة المؤقته، فأنا لا أستطيع ممارستها أبدأ ، مد يده للسلام عليها قائلا: هل تعلمين بمجرد دخولك من الباب شعرت انك قمت فورا بعمل (بلوك) لي فلم استطع أن أتجاوز حدودي معك وأن أفصح لك عما يدور بداخلي ناحيتك،ولو كان الأمر بيدي ماتركت تفلتين مني أبدا.




أعتدلت قامتها ورفعت رأسها وخرجت من مدخل العمارة وهي تنادي بصوت مرتفع تاكسي ...تاكسي


هناك تعليق واحد:

يا مراكبي يقول...

لولا ارتفاع مستوى عقلية كل منهما لكانت المهاية مُختلفة تماماً عن ذلك

كلاهما راقٍ في تفكيره وادراكه لرغباته وأسبابها

يحدُث ذلك في الواقع نادراً .. لكنه يحدُث