الاثنين، يونيو 25، 2012

السحر الحلال والعشق




لم تعد تهتم كثيرا بأن يختفي زوجها رجلها الذي أحبته ويعاقبها لأسباب لا تعرفها ،ويتبع نفس أسلوبه القديم المتجدد بعدم الرد علي مكالماتها ، لقد إعتادت علي هذا الموال منذ عدة سنوات مضت كانت فيها ساذجة تحاول إرضاءه بشتى السبل ، وكم أشقاها بطريقته التي أوجعتها وجعلتها تحتقر ذاتها .


الآن فقط تعترف بهزيمتها فلم تعد تلك المرأة المقاتلة الشرسة التي تفجر كافة الحواجز وتسعي إلى انتزاعه وإعادته الى الحضن الذي طالما شعرت به طفل يخبيء رأسه في صدر أمه لينهل من حنانها ..


فلم تعد تلك المرأة التي عشقت حتى النخاع ورفضت بعناد أن تترك رجلها لأنثي غيرها فلم يعد يسعدها أن تتجاذب مع تلك المرأة رجل قادته قدماه دون أدني مقاومة إلى الطريق الذي رسمة له الدجالين والسحرة.


تذكرت قصة حبهما وكيف أنه أنتزعها بعد مقاومة عنيفه منها، ورغم أنهما خرجا عن العرف والمألوف إلا أنها القت بكل العادات والتقاليد خلف ظهرها، لقد عشقته حقا ولم يهمها ماذا سيقول الناس عنها، أو كيف سينظر اليها الآخرون ،فقد اعماها الحب ولم يعد احد يطل من حدقتها سواه ولم يعد يرضيها في الكون إلا أن تشعر بلحظات حب حقيقية داخل حضنه .


تزوجا إلا أنها لم تعش سعيدة كما تمنت، فقد كانت زوجة لبضع الوقت ، بل ربما لساعات معدودة طوال الأسبوع، بل تأتيها أشهر كاملة لاتراه، إلا أنها عشقته بصدق.



صمدت كثيرا أمام نزواته وغزواته وتقلباته المزاجية ، ولم تستطع الأبتعاد عنه فهي حقا تعشقه ،عاشت في حبه الفصول الأربعة ، فشخصيته في الصباح تختلف عن المساء ومزاجيته عصرا تختلف عنها ظهرا ورغم أنه أرهقها إلا أنها لم تستطع البعاد عنه فهي حقا تعشقه .


وبعد سنوات من الجروح والآلام والهزيمة ،لم تعد تحتمل وبدأت تتذمر تدريجيا،إلا انها تحولت الى النقيض كمارد خرج من قمقمه ،فنزيف قلبها اليومي والشلل الذي أصاب كرامتها جعلها لم تعد حقا تعشقه، حاولت الفرار بما بقي لها من عقل إلا أنها أيضا لم تستطع الخروج من دوامته .


فزوجته الأولى متيمة بالذهاب الي الدجالين والمشعوذين الذين يدعون علاج الأسحار وعمل الأحجبة ، وبإعترافها تغسل جسدها في الصباح بكلام مكتوب بالزعفران علي طبق من الصاج بات طوال الليل حتى طلوع الفجر في شرفة المنزل لتتكاثر علية قطرات الندي ليتحقق المراد ، وتستحم في الليل بحجر من الطين قرأ علية المشعوذين ثم تذيبه في الماء وتفرك به جسدها ، ومعاذ الله أن تكون تلك المرأة كافرة فهي متدينة لا تذهب إلى السحرة الكفرة ولكنها تذهب فقط إلى هؤلاء المعالجين بالقرآن الكريم ، فهي عندما تختار الإيذاء تختاره أيضا بالحلال كما تدعي .


لقد سئمت من تلك الوريقات التي كتبت عليها آيات القران بشكل معكوس ، وفزعت من ريش الحمام الأبيض الملفوف في لوف النخيل البني والمنثور أمام شقتها وحتى باب المصعد، أهلكتها تلك القصاصات الملفوفة بأحكام والمكتوب عليها بحروف غير معروفة قي خزائن مطبخها والتي عندما اكتشفتها هربت شغالتها.



في المرآة.. وقفت تتأمل قسمات وجهها الحزين، وبحركات لا إرادية اطلقت يدها لتتحاور مع فمها وهي تصرخ بأعلى صوتها :::الآن أرفع لكي يدي مستسلمة ، خذي رجلك الذي ظننتي آن ما منعه عنك منحني أياه ، وأبعدي أسحارك عني فلم أعد أحتمل صداع الشق الأيسر من رأسي ، ولم أعد أحتمل الألم الذي يعتصر الجزء الأيمن من جسدي ، ولم أعد أحتمل تلك التشنجات التي تهاجم أطرافي وتشعرني بالخجل أمام زميلاتي ، ولم أعد أحتمل رؤية ملابسي وفراشي مبللة بالعرق الذي يتصبب من جسدي كطفل رضيع نسيت أمة أن تحفضه بالبامبرز ، ولم أعد أحتمل تلك الرعشة التي تنهك جسدي دون سبب معروف ،ولم أعد أحتمل خوفي وظنوني في هذا الورم الصغير أسفل ثدي ولم أعد أحتمل شكوكي في قطرات الدماء التي تتساقط عنوة من رحمي ، ولم أعد أحتمل كل تلك الفحوصات التي امتلأ بها ملفي الطبي دون أن يهتدي الأطباء الى الأسباب الحقيقية لما أعانيه ، فسحرك الحلال أخيرا تمكن مني ، وجعلني كإمرأة فقدت جميع أولادها في حادث طائرة ، وبائسة كامرأة مريضة تنتظر قرارا بالقتل الرحيم ، وسحرك أفقدني صوابي وجعلني حمقاء عصبية، ثائرة مندفعة كحمم تقاذفت بغباء من أعلي فوه بركان، وسحرك جعلني أهرع إلى الرجل الذي أحببت ليضمني إلى صدرة وليسامحني علي هفواتي وتفاهاتي وحماقاتي لأنة الأكبر والأعقل والأفهم والأقوي، لأنة الرجل الذي تمنيت أن يأخذ بيدي ويهدا من روعي ويدعمني لأكون أقوي أمرأة بحبة ولكن سحرك جعله تائها في فضاءات لاتعترف بوجودنا على الأرض .


ياصاحبة السحر الحلال أطمئنك بأن الزمن الماضي والحالي والأتي هو زمنك ، ، وعليك أن توقفي أسحارك عني ، فالشيء الوحيد الذي كان لة لدي لم يعدعندي، وطوال العامين الماضيين نجح سحرك فلم يكن حبيبي كما عرفت ولم يضاجعني كما تعودت ، فلم يعد ملهوفا ومشتاقا ولم أعد أصرخ له نشوة و اشتهاء ، بل تحاشي اللقاء وساق إلى الحجج والمبررات ، فالانشغال دائم صباح ومساء ، والواجبات الاجتماعية مراسم لايمكن تأجيلها حتى لو كنت قادمة من سفر بعيد.


لقد نجحت بأسحارك والتي بررتي لنفسك كذبا أنها حلال في تحويلة من عشيق يشتهيني بكل رجولتة الي زوج بائس مل رؤيتي ، واليك أرفع رايات الإستسلام ،أتوسل اليك أن توقفي حروبك السحرية عني وعنه ، خذي زوجك وخذي قلبي معه فلم يكن أبد رهينة عندي ، فما يهمني الآن إسكات الأوجاع بجسدي وكرامتي.



وقبل أن تخلد الى النوم أمسكت بعلبة الدواء لتأخذ قرصا مهدئا ،أبتلعت قليلا من الماء حاولت أن تغفو ولكنها لم تستطع ، مدت يدها ثانية أمسكت بالعلبة أفرغتها جميعا في جوفها واسكتت أوجاعها الى الأبد .


إيمان قنديل


منشورة في جريدة الأحرار

هناك تعليق واحد:

يا مراكبي يقول...

القصة تسلسلها منطقي

لكن النهاية مؤلمة للغاية