الثلاثاء، يونيو 26، 2012

مغربية واحدة تكفي






تعرفت عليه أثناء دراستها الجامعية، لفت نظرها بشدة اهتمامه بدراسته، وجديته في التعامل، وسلوكه المهذب، وقدرته الفائقة على التأثير فيمن حوله، ورغم ملاحظتها لنظرات إعجابه بها إلا أنه أبداً لم يبح لها يوما بما يدور في داخله، ومرت السنوات وهي تنتظر أن يصارحها بحبه، إلا أنه لم يفعل، وكثيرا حاولت لفت انتباهه إلا انه لم يتجاوب سريعا، بحثت ونقبت فيمن حولها من الزميلات لربما يكون مرتبطا عاطفيا بواحدة منهن إلا أنها فشلت في التيقن من الأمر.






ورغم تقرب الكثيرين منها إلا أنها أغلقت قلبها، فلم تكن تريد أبدا سواه حبيبا لها، تقدم لها أكثر من عريس، ورغم موافقة الأهل إلا أنها كانت تعترض بحجة أنها لا ترغب في الانشغال بأمور آخرى سوى دراستها. وبعد نيلها شهادة البكالوريوس اتجهت مباشرة للعمل، وتناست قصه حبها التي أجهدت مشاعرها لأنها كانت من طرف واحد، وعكفت على تحقيق ذاتها في العمل الذي حاولت أن تتميز فيه، ورغم انهماكها المستمر في العمل إلا أن خياله كان يراودها من حين لآخر.



وبعد يوم عمل شاق وطويل، تلقت اتصالا هاتفيا اهتزت له مشاعرها وعاد قلبها يدق من جديد، فقد كان الصوت لزميلها الذي عشقته، أخبرها عن رغبته في لقائها، فوافقت على الفور دون تردد.




وقبل الميعاد المحدد ذهبت إليه وجلست في انتظاره والأمل يراودها من جديد في أن يفصح لها عن حبه ويعبر لها عن مشاعره التي أخفاها سابقا، أتي ومد يده لها للسلام تفحصت أصابع يده رغبة منها في معرفة آخر تطورات حياته العاطفية، فاطمأنت عندما لم تجد خاتماً يدل على الخطوبة أو الزواج، سألها عن أحوالها، وعن عملها، وأخبرها هو الآخر عن تطورات حياته والعمل الذي يشغله حاليا ، وكانت تستمع إليه باهتمام بالغ، وكلما تحدثت فضحتها نبرات صوتها وضربات قلبها المتسارعة.




تذكرا أيام الجامعة الحلوة وتحسرا على تلك السنوات التي مرت بسرعة البرق، ولم يكن لديهما أية مسؤولية سوى أنهما يجتهدان فقط من أجل النجاح، نظرت الى ساعتها وأخبرته أنها تأخرت وعليها الرحيل، وقبل أن تمضي سألها هل تقبله زوجا لها؟




كادت أن تفقد وعيها، ولم تصدق ما سمعته بأذنيها، وسألته ثانية أن يعيد على مسامعها ما قاله، وعندما تأكدت من أنها لم تكن تتخيل وافقت على طلبه فورا وحددت له موعدا مناسبا للالتقاء بوالدها.. تزوجته.. وبعد عامين من الزواج أتته فرصة للعمل في دولة الإمارات، ورفض أن يتركها في بلده مؤكدا لها أن لا يستطيع العيش بمفرده، وسيشعر بحنين جارف لها ربما يتسبب في شرود ذهنه وإهماله لعمله بل وتركه نهائيا والعودة ثانية الى الوطن. وأكد لها أنهما اختارا بعضهما بإرادة حرة لكليهما، وأن مستقبلهما مرتبط بتواجدهما سويا في مكان واحد، يعيشان فيه يتبادلان الحب والعطاء وإنجاب الأبناء.




وعاشا على أرض الإمارات يعملان سويا من أجل مستقبل أجمل لهما ولثلاثة أولاد أنجبتهم له واعتبرتهم أجمل ما في الحياة، ولم تستسلم للبقاء في البيت بل سعت بكل الطرق لتجد عملا مؤمنة بالمثل القائل «يد واحدة لا تصفق» وشاركت زوجها كافة النفقات حتى لا تثقله وحده بالأعباء العائلية. ومرت عشر سنوات كاملة يسعيان من أجل تحقيق أهدافهما والعودة ثانية إلى أرض الوطن، إلا أنه «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن»، فقد اكتشفت ان الزوج حبيب القلب قد تزوج من امرأة أخرى من بلاد المغرب العربي، وأعد العدة للعودة بها الى الوطن تاركا زوجته وأولاده معلنا التخلي عن جميع أدواره في الأسرة.




أصيبت بالذهول ليس من تصرف الزوج فقط لأنها لم تشعر يوما بأنه تغير في مشاعره تجاهها، ولم يسبق ما فعله أية إنذارات لها بالهجر، تساءلت حاولت أن تسأل نفسها قبل أن تسأله إلا أنها عجزت تماما عن تحليل ما حدث، استسلمت لواقعها الجديد وقبل ان تطلب ورقة طلاقها، وجدته يسلمها لها بيده معتذرا بأن زوجته الجديدة لا ترغب في أن تشاركها فيه امرأة أخرى.



إيمان قنديل



منشوره في جريدة مصر 11

هناك تعليق واحد:

يا مراكبي يقول...

لابد وأن تكون هُناك اشارات ودلائل لتؤدي الى تلك النهاية الغريبة

المُعطيات لا تُنذر بأن تلك النهاية ستحدث أبداً

!!!

يحتاج الموضوع الى بحث