الخميس، سبتمبر 23، 2010

سرطان الثدي إبتلاء...وأفضل جهاز إشعاع في معهد الأورام 14

بعد مرور 21 يوما على الإنتهاء من العلاج بالكيموثيربي،بدأت العلاج الإشعاعي Radiotherapy وهو استعمال أشعة ذات طاقة عالية للقضاء على الخلايا السرطانية ومنعها من النمو،وقد علمت أن هناك العديد من المستشفيات الخاصة التي تقدم هذا النوع من العلاج وأشهرها مستشفيين الأول على النيل في المعادي والآخر في طريق مصر الإسماعيليه،أما الباقي فقد حذرني الكثيرين من عدم سلامه الأجهزه في تلك المستشفيات والتي تؤثر على كفاءتها العلاجيه رغم إرتفاع تكاليف العلاج والتي تبلغ 22 الف جنيه مصري مقابل 33 جلسة إشعاع.

وابلغتني طبيبتي المعالجه الدكتورة علا خورشيد بأنني قد أتعجب من أن أفضل جهاز للأشعاع في مصر كلها هو الموجود في معهد الأورام،وإنه يمكني أن أتلقي تلك الجلسات بأجر رمزي لن يصل ابدا لهذا الثمن،ورددت على مسامعي (صحيح المعهد زحمه،وموش حايدلعوكي هناك، بس صدقيني أنا عايزه لك الأحسن)ورحب زوجي بالأمر،وذهبنا بالفعل لمعهد الأورام لنأخذ موعدا لبدأ الجلسات.

وأثناء مقابلة الدكتوره منال البرادعي إستشارية العلاج الإشعاعي في المعهد،والتي لاحظت توتري أكدت

لي أن العلاج يحتاج الى مواجهة هذا المرض بقوة لإنه في حاله إنهيار المناعة يتمكن المرض من جهاز الإنسان كله،وأوضحت لي أن مرض السرطان مرض قابل للشفاء خاصة إذا أكتشف مبكرا،فمريض السكر لايمكن شفاؤه لكن هو العكس بالنسبه لمريض السرطان،وأن هناك تطورا كبيرا في بروتوكلات العلاج،وضربت لي مثلا بمصر على مر العصور وكيف أستطاع المصريون هزيمة كل مستعمر أتي لإحتلال أراضيهم،وقالت السرطان عدو جاء ليهزمنا،فهل نقابله بجنود مهزمين محطمين نفسيا،أم إننا نشحذ الهمم حتى نكون أقوياء ونهزمه؟

وفي المعهد ساءت نفسيتي أكثر من هول ماشاهدت،زحام غير عادي بشر من جميع الأعمار،وفي طريق العوده الى المنزل قررت الا اذهب للمعهد ثانية كي لا أرى هؤلاء الناس الذين أتوا من جميع محافظات مصر يتوجعون ويتألمون وينتظرون بالساعات من أجل تلقي العلاج.

وأخبرت زوجي ماقررته ولكنه لم يوافق قائلا إن الموضوع ليس ماديا ولكنني أثق في رأي الدكتورة علا خورشيد إستشارية الأورام في المعهد والأستاذ المساعد لطب الأورام وأورام الدم وزرع النخاع بجامعة القاهره،فمن المؤكد أنها ترى لك الأفضل في العلاج لإنها كطبيبه ترغب في أن تحقق أيضا نتائج طيبه في الشفاء للحفاظ على سمعتها الطيبه.

رضخت مرغمه لقرار زوجي وبالفعل ذهبنا وكان لابد من عمل (أورفيد)للصدر حتى أرتديه أثناء تلقي العلاج الإشعاعي،وكانت الدكتورة منال على رأس فريق الفنيين تعطيهم الملاحظات،ثم قاموا بالتخطيط على صدري ومكان جراحة إستئصال الورم ثم أحاطوا هذا الجزء بعده علامات تاتو (نقط سوداء).

وبدأت العلاج في الميعاد المحدد ، ويستقبل المعهد المرضي الذين يحتاجون للإشعاع 3فترات مقسمين على اليوم،وكل يجلس في إنتظار دوره لافرق بين مريض يعالج بالمجان أو مريض يدفع ثمن العلاج،فالكل متساو،وكان على الذهاب يوميا طيلة ايام الأسبوع عدا يومي الخميس والجمعة، وكان علي الإنتظار حتى يأتي دوري،فالأفضلية لكل مريض جديد يخططون له مكان الإشعاع فيغيب كثيرا في داخل غرفة الإشعاع حتى يخزنوا بياناته في الكومبيوتر الذي يقوم بتشغيل الجهاز،ثم يصبح في اليوم التالي مريضا عاديا لا يأخذ أكثر من خمس دقائق تقريبا في غرفة الإشعاع.أتذكر إن جسدي كان ينتفض في كل جلسة إشعاع فأتمتم لنفسي ببعض الآيات القرآنية الذي أعقبها بالدعاء.

ورغم المآسي التي يمكن أن تراها في معهد الأورام إلا أن المرضي يمكن أن أكتب عنهم الكثير، فرغم أن هناك من يتعاطفون بعضهم مع بعض إلا أنه هناك ايضا من يقفون لبعض بالمرصاد إذا شعر بأنه قد تجاوز دوره وهؤلاء أغلبيه،ولن تصدقوا أن مرضى السرطان يحسدون بعضهم البعض حسب نوعية السرطان ونوعية البروتكول المؤخوذ في العلاج بالكيموثيربي.

عدت أيام العلاج بطيئة كئيبة وفي كل يوم أشير بعلامة على تاريخ الجلسه التي أخذتها،وكم باق من الجلسات،وكنت أذهب بصحبة زوجي كطفل يصطحبه أبوه غصب عنه الى مكان يخاف منه ويبغضه،وأثناء جلوسي في الإستراحه في إنتظار دوري كنت أخفي وجهي في كتيب به بعض السور القرآنية،فقد إزداد ألمي بسبب ماشاهدته من مرضى يعانون مع السرطان،وعندما أذهب الى طبيبتي المعالجه في عيادتها تحاول أن تهدأ من روعي بل وتنهرني مالذي يجعلني أشغل بالي بالآخرين فأزداد خوفا وتوترا؟،وأكدت لي إنني لن أخرج من حالاتي هذه إلا بالعمل، فلابد أن أشغل نفسي وأخرج من بيتي وأهتم بعملي حتى لايتركز تفكيري في المرض مؤكدة أنه وعن خبرة أن كل من يفكر في المرض بشكل مرضي يعود له ثانية.

والحقيقة إنني ومنذ أن أجريت العملية حتى يومنا هذا أعاني من إكتئاب وقلق لم يهدأهما سوى ذهابي الى الدكتور عادل مدني إستشاري الطب النفسي الذي منحني بعض المهدئات التي ساهمت بشكل كبير في توقف نزيف البكاء الذي كان ينتابني يوميا،ولم أعد افكر في المرض سوى بضع ساعات قليلة بعد أن كان يشغل تفكيري طوال الأربع والعشرين ساعة،وقال لي الطبيب إنه من المؤكد ان التجربة التي مررت بها ليست بالسهله،وإنه كطبيب لو حدث له مثل هذا الأمر لكان أيضا شعر بالقلق والخوف والتوتر،وإننا في هذه الدنيا نعيش أجلا معينا يعرفه الله سبحانه وتعالى لذلك لابد أن نعيش تلك الفتره بهدوء ونستمتع بها.

وأثناء الفتره الماضية زاد وزني بشكل كبير حتى أن طبيبة الإشعاع تعجبت من زيادة وزني وقالت(جميع المرضي في العالم تنخفض أوزانهم بعد تلقي العلاج الكيمائي،إلا المصريين تزداد أوزانهم)والحقيقة التي توصلت اليها أن المرضي يتداولون الأحاديث مع بعضهم بأهمية التغذية وتقوية المناعة،والحقيقة إنني التهمت الكثير من عسل النحل والعسل الأسود،كما أن اكتئابي وقلقي جعلاني أكل بدون توقف.

وبعد الإنتهاء من العلاج طلبت مني طبيبتي المعالجه تخفيض وزني لما لذلك من أضرار على صحتي وبالفعل بدأت ريجيما خاصا بعد الإنتهاء من رمضان وأكل الكنافة وكحك العيد.

+++++++++++++++++++++++++++++

مواقف

==وأتذكر إنني ذات مره كنت أجلس في عيادة الدكتور علا خورشيد الخاصة،جلست بجواري إمرأة أتت مع ابنتها الشابة التي تعاني من خراج لايندمل بثديها،فنظرت الى السيده وسألتني بفضول وهي تتفحص ملامح وجهي(انتي بتاخدي كيماوي؟)فأجبت(أيوه)فعادت تسألني وهي تنظر الى رأسي وقالت(وكل ده شعرك؟)فقلت لها (لأ سعادتك دي باروكه شعري وقع) فنظرت بغتاته الى عيوني وقالت بس رموشك وحواجبك لسه، ماوقعوش ؟ولأول مره في حياتي لم ينسحب لساني ويلقن المرأة درسا في قلة الذوق والجليطه،فقد هدني المرض واصبحت أكثر تسامحا مع البشر خاصة الجهلاء منهم.

==في معهد الأورام تحيط بك إفتاءات المرضى في كل شيء، والحق يقال أن هذا المعهد يعالج المرضي بشكل جيد ويمنحهم العلاج كاملا بالمجان،وهناك أيضا بتكالف معقولة للقادرين،ورغم أن جلسة الكيماوي تختلف في سعرها حسب المرض والبرتوكول المتعارف عليه عالميا في العلاج والذي قد تتكلف فيه الجلسه سبعة الاف جنيه مصري،وطبعا يتطلب المريض عدة جلسات حسب البروتوكول،إلا أن الشعب المصري المتذمر دائما بيفتي ويقول دول بيجيبوا لنا كيماوي صيني،وبما أني كنت بأشتري بنفسي العلاج من الصيدليات الكبيرة وتقوم الدكتورة علا خورشيد بإعطاءة لي في مستشفي الزهيري، فأنا متأكده أن تلك الأدوية الكيماوية من أمريكا وإنجلترا وفرنسا يعني مافيش صيني أبدا .

أحدى السيدات أقسمت بصوت مرتفع أن مستشفى سرطان الأطفال لم يعد بالمجان وأنه بالعمله الصعبه،فأخرجتني عن صمتي وعارضتها بشده وقلت لها لو كان كذلك ما أستطاع بواب عمارتنا علاج أبنته.

سيدة أخرى من حي شعبي قالت لي (الناس عندنا حشريه بيسألوني انت كل يوم بتروحي فين؟، وموش بأرضي أقولهم،فقلت لها ليه؟ قالت لي دول لو عرفوا أن بأتعالج من السرطان مايكلمونيش ومايرضوش يتعاملوا معايا ويمكن يجبروني أعزل من المكان.

من حين لآخر لازم يلوشوا الريس،ونظيف والحكومه مما جعلني ارد على أحدهم والله لو كنت في سوريا وقلت الكلام ده لكانوا حبسوك انت وعيلتك كلها،فرد أحد المرضي الذي آتي من بني سويف للعلاج قائلا(لا والله موش سوريه بس لوقال الكلام ده في السودان كانوا حبسوه وعذبوه.

وحتى لايترك البعض البوست كله ويمسك في الجزء الأخير ويتشنج أنا لست محاميه الريس ولا نظيف ولا الحكومه ولا الحزب الوطني ، ولا أنتقص من كرامة الشعب السوري أو السوداني الشقيق فلي أصدقاء منهم أحبهم وأكن لهم كل تقدير فتجاوزا النقطه دي.


الاثنين، سبتمبر 06، 2010